واعلم أنه لاخلاف بين الاصحاب في أن جواز السفر شرط في جواز التقصير سواء كان السفر واجبا كحجة الاسلام ، أو مندوبا كزيارة النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله والائمة عليهم‌السلام أو مباحا لضرر المسلمين ، والفساد في الارض ، وقد حكى اتفاق الاصحاب على ذلك جماعة منهم الفاضلان ، وتدل عليه أخبار كثيرة.

ويدل التعليل الواردفي هذا الخبر ، وغيره من الاخبار على عموم الحكم بالنسبة إلى كل سفر حرام (١) سواء كانت غايته معصية كقاصد قطع الطريق ، أو قتل مسلم ، أو كان نفس سفره معصية كالفار من الزحف ، وتارك الجمعة بعد وجوبها ، و السالك طريقا يغلب على الظن الهلاك فيه ، وإن كان لغاية حسنة كالحج والزيارات وكذا إطلاقات كلام الاصحاب يقتضي التعميم.

ولاخلاف ظاهرا في أنه إذا رجع المسافر العاصي عن نية المعصية في أثناء السفر يقصر إن كان الباقي مسافة ، ولو قصد المعصية في أثناء السفر المباح انقطع ترخصه ، ولو عاد إلى الطاعة قصر ، وهل يعتبر حينئذ كون الباقي مسافة؟ قيل : نعم ، كماحكم به في القواعد لبطلان المسافة الاولى بقصد المعصية ، وقيل : لا وهو ظاهر المنتهي والمعتبر ، والمقطوع به في الذكري وهو قوي لما رواه الشيخ (٢) عن بعض أهل العسكر قال : خرج عن أبي الحسن عليه‌السلام أن صاحب الصيد يقصر مادام على الجادة فاذا عدل أتم فاذا رجع إليها قصر.

ثم إن هذا كله في صيد اللهو ، ولاخلاف في أن الصائد لقوته وقوت عياله يقصر ، وأما الصائد للتجارة فقد اختلف الاصحاب فيه ، فذهب المرتضى ره و جماعة منهم الفاضلان إلى أنه يقصر في الصلاة والصوم وذهب الشيخ في النهاية

____________________

(١) ووجهه واضح ، حيث ان المسافر حراما مبغوض سفره عندالله عزوجل ، فلا معنى لان يكون سفره هذا موجبا للمنة عليه والرخصة في تقصير الصلوات.

(٢) التهذيب ج ١ ص ٣١٦.