بيان : لاخف بين الاصحاب في أنه إذا نوى المقصر في بلد عشرة أيام أتم ويدل عليه هذا الخبر وأخبار كثيرة ، والمشهور عدم الاتمام بنية الاقامة دون العشرة بل قال في المنتهى : إنه قول علمائنا أجمع.
ونقل في المختلف عن ابن الجنيد ره أنه اكتفى في وجوب الاتمام بنية خمسة أيام ، ولعل مستنده ما رواه الشيخ في الحسن (١) عن أبي أيوب قال : سأل محمد بن مسلم أبا جعفر عليهالسلام عن المسافر إن حدث نفسه باقامة عشرة أيام ، قال
____________________
لكنه عليهالسلام لما كان مسافرا ولم يقصد الاقامة عشرا ، كان ميقاته واعتكافه غير تامة حتى مضى ثلاثون تمام الشهر ، وانقطع حكم السفر وصار اعتكافه وميقاته في العشرة بعدها تاما واقعا في محله ونزل عليه التوراة فيها حكم الله عزوجل.
وهذا معنى قوله عزوجل : ( فأتممناها بعشر فتم ميقات ربه أربعين ليلة ) ، وفقا لقوله عزوجل : ( وإذ واعدنا موسى أربعين ليلة ) أى كنا نواعده أربعين ليلة : كل ليلة نقول : اذا تم الاعتكاف والميقات نزل عليك التورات ، ولم يتم الا بعد الاربعين : لم يتم في ثلاث لان أقل الاقامة عشرة ، ولم يتم في العشرات الاول لكونه مسافرا.
وانما لم يوح اليه بأن اعتكافه لايتم الا بعشرة عن قصد اقامة ، ليفتتن طول ذلك قومه قال عزوجل : ( وما أعجلك عن قومك يا موسى؟ قال : هم أولاء على أثرى وعجلت اليك رب لترضى ، قال : فانا قدفتنا قومك من بعدك وأصلهم السامرى ).
وذلك لان الله عزوجل واعدهم جميعا جانب الطور الايمن ، لكن موسى عليهالسلام استبطأهم لمسيرهم بالاثقال والاطفال وخلف فيهم أخاه هرون وتعجل إلى الميقات بنفسه ، ليتم ميقاته واعتكافه مدى سيرهم إلى الطور ، فيتوافق نزوله من الطور مع وصول قومه ، فقد كان بخلده عليهالسلام رقى قومه وهدايتهم إلى أرض القدس بنفسه ، والله عزوجل بالرصدمن افتتانهم بعد ايمانهم ( أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لايفتنون ، ولقد فتنا الذين من قبلهم فليعلمن الله الذين صدقوا وليعلمن الكاذبين ).
(١) الكافى ج ٣ ص ٤٣٦ ، التهذيب ج ١ ص ٣١٦.