ابن صالح الباكوتي في كتاب تلخيص الاثار : مصر ناحية مشهورة أرضها اربعون ليلة في مثلها طولها من العريش إلى اسوان ، وعرضها من برقة إلى أيلة سميت بمصر بن مصرائيم بن حام بن نوح عليهالسلام وهي أطيب الارض ترابا وأبعدها خرابا ولا تزال البركة بها مادام على وجه الارض إنسان ، ولا يصيبها المطر.
« ويوم فرقت لبني إسرائيل البحر » فرقت أي فلقت ، قال المطرزي يقال : فرق بين الشيئين وفرق بين الاشياء وقال الازهري يقال : فرقت بين الكلام أفرق بالضم والتخفيف ، وفرقت بين الاقسام أفرق بالكسر والتشديد.
« وفي المنبجسات التي صنعت بها العجائب في بحر سوف » هذا عطف على ما تقدم من القسم عليه سبحانه بمجده ، فكأنه قال : وبمجدك يوم فرقت لبني إسرائيل البحر ، وبمجدك في يوم المنبجسات ، وهي العيون الجارية من الحجر وإليه الاشارة في التنزيل بقوله : « فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتى عشرة عينا » (١) وفي آية اخرى « فانبجست منه اثنتى عشرة عينا » (٢) والانبجاس والانفجار واحد وبجست الماء فجرته ، قال الطبري الانبجاس هو الانفتاح بسعة وكثرة ، وبحر سوف قيل هو بالعبرانية يمسوف كأنه يم سوف ، قيل ومعناه بحر بعيد القعر ، قلت كأنه أخذ من المسافة ، قال الجوهري وهو البعد ، وسماه الهروي في الغريبين إساف قال : وهو الذي غرق فيه فرعون قلت : وهذا البحر هو بحر القلزم قال السيد بن طاوس وبحر سوف بلسان العبرانية يم سوف أي بحر بعيد.
« وعقدت ماء البحر في قلب الغمر كالحجارة » قلب الشئ باطنه ، والغمرة الماء الكثير الذي يغمر صاحبه سميت الشدة غمرة لانها تغمر القلب أي تغطيه ، مأخوذ من غمرة الماء ، ومنه رجل غمر العطاء أي يفضل عطاؤه فيغمر ما سواه ، وفي حديث عمر أنه جعل على كل جريب عامر او غامرا درهما وقفيزا ، والغامر ما لم يزرع مما يحتمل الزراعة ، وإنما فعل ذلك لئلا يقصر الناس في المزارعة ويسمى
____________________
(١) البقرة : ٦٠.
(٢) الاعراف : ١٦٠.