من علم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ، وعلمي من علم عليّ ، وما علمي وعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في علم عليّ الإ كقطرة في سبعة أبحر ) (١).
فلا غرابة لو امتاز من دون الصحابة بفقاهة مميّزة بشارة فقه أهل البيت عليهم السلام ، وهي تنبئ عن تعلمه من لدن عليم هو باب مدينة العلم ، وكان هو عليه السلام يختصه بجوانب تثقيفية دون غيره ، وقد مرّ بنا في ( ينابيع العلم ) ذكر محاضرة ليلة البقيع التي استغرقت الزمن من بعد صلاة العشاء وحتى بزوغ الفجر. ولم يتجاوز الحديث فيها تفسير البسملة وكلمة ( الحمد ) ، فقال ابن عباس : ( تفكّرت فإذا علمي وعلم أصحاب محمد صلى الله عليه وآله وسلم في جنب علم عليّ كالقرارة في المثعنجر ) ، والقرارة الغدير الصغير ، والمثعنجر هو البحر.
وكان يقول : ( إذا حدثنا ثقة عن عليّ بفتيا لا نعدوها ) (٢).
وكان إذا بلغه شيء تكلم به عليّ رضي الله عنه من فتيا أو قضاء لم يتجاوزه إلى غيره (٣).
وقال : ( وإذا ثبت لنا الشيء عن عليّ رضي الله عنه لم نعدل إلى غيره ) (٤).
ولم يكن ابن عباس مغالياً في إمامه لأنّه ابن عمه ، بل كان ينطلق من موقع عقيدة ثابتة وإيمان راسخ بأنّ عليّاً عليه السلام هو بحكم مقامه من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وباب مدينة علمه فهو يفضل جميع الصحابة في مقامه العلمي ، فكان يقول : ( والله لقد أعطي عليّ تسعة أعشار العلم ، وأيم الله لقد شارككم في العشر العاشر ) (٥) ، فهو
____________________
(١) قد مرّ ذكر هذا وغيره مع ذكر المصدر في أوّل الجزء الثاني من هذه الحلقة في ( ينابيع العلم ) ، فراجع.
(٢) طبقات ابن سعد ٢ق٢ / ١٠١ ط أوربا ( أفست ).
(٣) اكمال الإصابة ١ / ٥٦ للعلائي تح د. محمد سليمان الأشقر الكويت.
(٤) الأئمة الإثنا عشر لابن طولون / ٥١.
(٥) ذخائر العقبى للمحب الطبري / ٧٨.