عبد الملك وكان كثير الحمل على أهل البيت ) (١).
ولم يقتصر الكذب على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعلى الإمام عليه السلام وعلى ابن عباس رضي الله عنه فحسب ، بل قرأنا نحو ذلك حتى على عبد الله بن جعفر وهو من أهل البيت عليهم السلام :
فقد أخرج ابن عبد البر في ( التمهيد ) بإسناده عن محمد بن لبيد ، قال : ( أمّرني يحيى بن الحكم على جرش فقدمتها ، فحدثوني أنّ عبد الله بن جعفر حدّثهم أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( أتقوا صاحب هذا الداء ـ يعني الجذام ـ كما يتقى السبع ، إذا هبط وادياً فاهبطوا غيره ).
فقلت : والله لئن كان ابن جعفر حدثكم هذا ما كذبكم. قال : فلمّا عزلني عن جرش قدمت المدينة فلقيت عبد الله بن جعفر ، فقلت له : يا أبا جعفر ما حديث حدثه عنك أهل جرش ثم حدثته الحديث؟ فقال : كذبوا والله ما حدثتهم ... ) وساق ابن عبد البر الحديث بطوله ثم تعقبه بقوله :
( قال أبو عمر : فهذا محمود بن لبيد يحكي عن جماعة أنّهم حدثوا عن عبد الله بن جعفر بما أنكره ابن جعفر ولم يعرفه ، بل عرف ضدّه ، وهذا في زمن فيه الصحابة ، فما ظنّك بمن بعدهم؟ وقد تقدم في هذا الباب عن ابن عباس في عصره نحو هذا المعنى ) (٢).
ومن الشواهد على تطاول سماسرة الوضع على حريم مرويات ابن عباس المرفوعة والموقوفة ، هو التعتيم المكثّف على الحقائق التي كان يصحر بها لإدانة السلطات المناوئة لأهل البيت عليهم السلام.
____________________
(١) تهذيب التهذيب ٥ / ٢٦٨.
(٢) التمهيد ١ / ٦٦.