حكم عثمان ـ المشتهر المنتشر الفاشي ـ والذي وافقهما هو عليه ـ إجماعاً ـ بل سارع إلى خلافه إذ أرآء اجتهاده الصواب في خلافه ...
ـ ثم ذكر خبراً عن الشعبي ـ قال : أحرم عقيل بن أبي طالب في موردتين ، فقال له عمر : خالفت الناس ، فقال له عليّ : دعنا منك ، فإنّه ليس لأحد أن يعلّمنا السنّة ، فقال له عمر : صدقت. فهذا عليّ وعقيل لم ينكرا خلاف الناس ، ورجع عمر عن قوله إلى ذلك ، إذ لم يكن ما أضافه إلى الناس سنّة يجب إتباعها ، بل السنّة خلافه.
وذكر أيضاً خبراً بسنده عن عطاء بن أبي رباح ، قال : قلت لابن عباس : إنّ الناس لا يأخذون بقولي ولا بقولك ، ولو متّ أنا أو أنت ما اقتسموا ميراثنا على ما نقول. قال ابن عباس : فليجتمعوا فلنضع أيدينا على الركن ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين ، ما حكم الله بما قالوا.
ثم قال ابن حزم : فهذا ابن عباس بأصح أسناد عنه ، لا يلتفت إلى الناس ، ولا إلى ما أشتهر عندهم وانتشر من الحكم بينهم إذا كان خلافاً لحكم الله تعالى. في مثل هذا يدعي من لا يبالي بالكذب بالإجماع.
ثم روى أيضاً بسنده عن عبد الله بن أبي زيد أنّه سمع ابن عباس يقول في قول الله عزوجل : ( لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) (١) ، قال ابن عباس : لم يؤمن بهذه الآية أكثر الناس وإني لآمر هذه أن تستأذن علي ، يعني جارية له.
قال أبو محمد ـ ابن حزم ـ وهذا كالذي قبله ... ثم ساق خبراً آخر بسنده عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس ، قال : أمر ليس في كتاب الله
____________________
(١) النور / ٥٨.