قوله صلى الله عليه وآله وسلم : ( من بدّل دينه فاقتلوه ) (١).
هذه جملة ممّا وقفت عليه من روايات التنقيد في التحريق في مصادر العامّة ، وهي فضلاً عمّا شابها من فجوات ، فهي لا تخلو من خبط وخلط ، وقد حاول غير واحد من أعلامهم ترميم واهي تلك النقول ، ولكنهم زادوها وهناً على وهن.
ـ قال ابن عبد البر في كتاب ( التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد ) : ( حديث تاسع وأربعون لزيد بن أسلم ـ مرسل ـ
١١٩ ـ مالك عن زيد بن أسلم : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من غير دينه فاضربوا عنقه ) (٢) ، هكذا رواه جماعة رواة الموطأ مرسلاً ، ولا يصح فيه عن مالك غير هذا الحديث المرسل عن زيد بن أسلم. وقد روى فيه عن مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال : ( من بدّل دينه فاقتلوه ) (٣). وهو منكر عندي والله أعلم.
والحديث معروف ثابت ، بسند صحيح من حديث ابن عباس.
حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد ، قال : حدثنا سعيد بن السكن ، قال : حدثنا محمد بن يوسف ، قال : حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري ، قال : حدثنا أبو النعمان ، قال : حدثنا حماد بن زيد عن أيوب ، عن عكرمة ، قال : أتي عليّ بزنادقة فأحرقهم ، فبلغ ذلك ابن عباس ، فقال : لو كنت أنا ما أحرقتهم ، لقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ( لا تعذّبوا
____________________
(١) موسوعة اطراف الحديث النبوي الشريف ٨ / ١٦٦.
(٢) مرسل حسن. وله شواهد موصولة صحيحة ، هو في ( الموطأ ) ٢ / ٧٣٦.
(٣) لا يصح عن مالك ، وقد نص المصنف على نكارته ، والصحيح ما بعده.