صاحب يقتدي به على مذهب من يرى صحة الحديث وأنّى له ذلك ، والحديث كذب ومحض هراء.
ولو رجعنا إلى استيضاح مواقف الطرفين من خلال الوقائع التي أشار إليها ابن حجر في ( فتح الباري ) وغيره ، نجد كلاً من المجوّز والمانع هو من الصحابة. فبمن يقتدى يا أولي الألباب؟!! أليس معنى ذلك هو التيه في ظلمة دخان التحريق ، ووخامة الشواء ، فلا تستبين السبيل لما سنبينه عاجلاً.
فنقول : إنّ من أدلّة المجوّزين عقوبة العرنييّن الذين أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بسمل عيونهم بالحديد المحمى (١). وهذا لا يصح الإحتجاج به على جواز التحريق ، فسمل العيون غير حرق الإنسان بالنار ، حتى يموت كما هو معلوم. وكان على ابن حجر ومن وافقه
____________________
وجميل لا يعرف ، ولا أصل له في حديث مالك ولا من فوقه.
وذكره البزار من رواية عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه ، عن سعيد بن المسيب عن عمر ، وعبد الرحيم كذّاب.
ومن حديث أنس أيضاً وإسناده واهي.
ورواه القضاعي في مسند الشهاب له من حديث الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة ، وفي إسناده جعفر بن عبد الواحد الهاشمي وهو كذاب.
ورواه أبو ذر الهروي في كتاب السنة من حديث مندل عن جويبر عن الضحاك بن مزاحم منقطعاً ، وهو في غاية الضعف.
قال ابو بكر البزار : هذا الكلام لم يصح عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
وقال ابن حزم : هذا خبر مكذوب موضوع باطل.
وأطال الكلام فيما حكاه عن البيهقي في الاعتقاد لمحاولته تمشية الحديث على واهي العماد ، فراجع تلخيص الحبير ٤ / ٢٠٩ ـ ٢١٠ تحقيق وتعليق الدكتور شعبان محمد اسماعيل ، جامعة الأزهر ، الناشر مكتبة أبن تيمية القاهرة.
(١) راجع قصة العرنيين في كتب السيرة النبوية ، وفي السيرة الحلبية ٣ / ١٨٥ والسيرة الدحلانية بهامش الأولى ٢ / ١٥٩ط محمد افندي مصطفى بمصر ١٣٢٠ هـ.