على جعل سمل العيون دليل الجواز أن يستدلوا بما رواه لهم ابن الجوزي في أوّل الباب الثاني من كتابه ( الموضوعات ) (١) بسنده : ( عن ابن بريدة ، عن أبيه ، قال : جاء رجل إلى قوم في جانب المدينة ، فقال : إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمرني أن أحكم فيكم برأيي وفي أموالكم وفي كذا وفي كذا ، وكان خطب أمرأة منهم في الجاهلية فأبوا أن يزوجوه ، ثم ذهب حتى نزل على المرأة ، فبعث القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال : ( كذب عدو الله ) ، ثم أرسل رجلاً ، فقال : ( إن وجدته حيّاً فاقتله ، وإن وجدته ميتاً فحرّقه بالنار ) ، فانطلق فوجده قد لدغ فمات فحرقه بالنار ، فعند ذلك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ( من كذب عليَّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار ) ) (٢) ، وهذا أوضح حجةلمن أفتى بالتحريق.
وأمّا ما ذكروه من حرق خالد بن الوليد ناساً من أهل الردّة ، وهم من بني سليم ، كما رواه عروة بن الزبير ، قال : ( كان في بني سليم ردّة ، فبعث إليهم أبو بكر خالد بن الوليد ، فجمع رجالاً منهم في الحظائر ثم أحرقها عليهم بالنار ، فبلغ : ذلك عمر ، فأتى أبا بكر ، فقال : تدع رجلاً يعذبّ بعذاب الله عزوجل ، فقال أبو بكر : والله لا أشيم سيفاً سلّه الله على عدوه حتى يكون هو الذي يشيمه ) (٣).
وهذا الخبر من دواهي المصائب في الإسلام ، ففعل خالد واعتذار أبي بكر عنه كلّه على خلاف ما أنزل الله تعالى في كتابه ، حيث يقول تعالى : ( إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَاداً أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ
____________________
(١) كتاب الموضوعات ١ / ٥٥.
(٢) دلائل النبوة للبيهقي ٦ / ٢٨٥ ، ميزان الاعتدال للذهبي ٢ / ٢٩٣ ، امتاع الاسماع للمقريزي ١٤ / ٩٧.
(٣) الرياض النضرة ١ / ١٠٠.