إلى بني العباس ليضعوا لهم الحديث في آبائهم ، فكانوا هؤلاء ركيزة الإتهام في كثرة مروّيات ابن عباس ، لكنه إتهامٌ فقد وسائل الإثبات ، وجعجعة بلا طحين.
وهكذا تبقى هذه المسألة عقدة مستعصية يصعب حلّها ، قبل الإلمام بشيء من تاريخ العباسيين ، الذين كانوا من نسل ابن عباس رضي الله عنه ، فناله من رذاذ مظالمهم في الحكم ما شوّه ناصع تاريخه ، فكانت الكثرة الكاثرة من المروّيات عنه في شتى فنون المعرفة ، مثار شك ، فحمل المشككون تبعة ذلك على المتزلفين إلى أبنائه ، إذ هالهم أن يجدوا ابن عباس رضي الله عنه ماثلاً شاخصاً في كتب التفسير والفقه والحديث واللغة والأدب والتأريخ وغيرها ، وهذا ما لا تحتمله عقول زوامل الأسفار من محللي الأخبار والآثار ، من مستعربين غرباء عن هذه الديار ، فنقّ معهم الأمعيّون من أبنائها ، يتلو بعضهم بعضاً ، من دون معاناة البحث عن موازين الصحة وعدمها في هذا المجال.
وأقصى ما لديهم من حجة أنّ ابن عباس من نسله الخلفاء ، إذاً لابدّ كان مَن يتزلّف إليهم بتفخيم أبيهم ، بتضخيم مروياته. وهذا مثار العجب!! إذ لا يصح ما ذكروه لتلك الكثرة الكاثرة أن يكون هذا وحده هو السبب.
ولقد سبق أن قلت مكرراً وأقولها الآن ولاحقاً كلمّا دعت الحاجة إليها : إنّ القاعدة العقلية ـ وهي المقولة الذهبية ـ تحكم بين المتنازعيَن في قولٍ أو رأي أو فعل : ( إن كنتَ راوياً فالصحة ، وإن كنتَ مدّعيا