بعض وتغطية رؤوسها ، ولكان يحدث ناراً في أجسادهم فتلهب بهم فتحرقهم ، ولكنه لمّا كان عبداً مخلوقاً حفر الآبار وفعل ما فعل حتى أقام حكم الله فيهم وقتلهم ، ولو كان من يعذّب بالنار ويقيم الحدّ بها ربّا لكان من عذّب بغير النار ليس برب ، وقد وجدنا الله تعالى عذّب قوماً بالغرق ، وآخرين بالريح وآخرين بالطوفان ، وآخرين بالجراد والقمّل والضفادع والدم ، وآخرين بحجارة من سجيل.
وإنّما عذّبهم أمير المؤمنين ( عليه الصلاة والسلام ) على قولهم بربوبيته بالنار دون غيرها لعلّة فيها حكمة بالغة : وهي أنّ الله تعالى ذكره حرّم النار على أهل توحيده ، فقال عليّ عليه السلام : لو كنتُ ربّكم ما أحرقتكم بالنار ، وقد قلتم بربوبيتي ، ولكنكم استوجبتم مني بظلمكم ضدّ ما استوجبه الموحدون من ربهم عزوجل ، وأنا قسيم ناره بإذنه ، فإن شئت عجلتها لكم ، وإن شئت أخّرتها ، فمأواكم النار هي مولاكم ـ أي هي أولى بكم ـ وبئس المصير ، ولستُ لكم بمولى.
وإنّما أقامهم أمير المؤمنين عليه السلام في قولهم بربوبيته مقام مَن عبد من دون الله عزوجل صنماً ) (١).
أقول : فهذا الخبر لو أغمضنا النظر عن انقطاع سنده بالرجل المجهول في رواية الكليني ، وبإرساله في رواية الصدوق ، فليس فيه تحريق ، وإنّما فيه التدخين ، كما ليس فيه ذكر لنقد ابن عباس كما مرّ في خبر أنس الذي رواه النسائي وأحمد ، مع أنّ الحادث كان بالبصرة ، ولا بدّ ـ لو صح الخبر ـ كان بمرأى من ابن عباس لأنّه يومئذ كان مع
____________________
(١) من لا يحضره الفقيه ٣ / ٩٠ ط دار الكتب الإسلامية النجف.