فقال مرّة : لا وقال مرّة : نعم ، فسئل عن ذلك فقال : ( رأيت في عين الأوّل أنّه يقصد القتل فقمعته ، وكان الثاني صاحب واقعة يطلب المخرج ).
ابن أبي شيبة ، نا يزيد بن هارون ، أنا أبو مالك الأشجعي ، عن سعد ابن عبيدة ، قال : جاء رجل إلى ابن عباس ، فقال : إنّي أحسبه مغضباً يريد أن يقتل مؤمناً ، قال : فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك ، رجاله ثقات (١).
وفي لفظ عن الخطيب البغدادي في ( الفقيه والمتفقه ) ، قال : ( وسأله رجل عن توبة القاتل؟ فقال : لا توبة له ، وسأله آخر ، فقال : له توبة ، ثم قال : أمّا الأوّل فرأيت في عينيه أرادة القتل فمنعته ، وأمّا الثاني فجاء مستكيناً وقد قتل فلم أوايسه ) (٢).
وممّا يمكن توجيه بعض المنافاة في بعض مرويات الفتاوى عنه ، أنّها كانت على وجه التقية ، فقد روى سفيان الثوري عن عاصم عن الشعبي عن ابن عباس أنّه قال : ( ربما أنّهاكم عن أشياء لعلّها ليس بها بأس ، وآمركم بأشياء لعل بها بأساً ) (٣).
وأقول : ولو سلمنا بصحة هذا فلا يبعد أن يكون منه على مذهب التقية والإستصلاح والتأليف والمداراة ، وعلى هذا كان مذهب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وأهل بيته الطاهرين. ولابن عباس رضي الله عنه تصريح في هذا في مسألة العول حين سئل عن أوّل من أعال الفرائض فأجاب انّه عمر ، وسئل عن سبب عدم إظهاره الخلاف عليه ، فقال : هبته ، وسيأتي تفصيل ذلك إن شاء الله تعالى.
____________________
(١) تلخيص الحبير ٤ / ٢٠٦ رقم / ١٧.
(٢) الفقيه والمتفقه ٢ / ١٩٢.
(٣) الفصول المختارة / ٢١٠ للشريف المرتضى.