ذلك بثلاثة أيام وهو يوم الرزية كلّ الرزية ، كما في جملة المصادر الشيعية والسنية ، وقد مرّ الحديث عنه مفصلاً في الحلقة الأولى.
ولقد كان ابن عباس رضي الله عنه قد لزم وصيّة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حالّ فسادِ الناس حين قال للمسلمين عموماً ولابن عباس خاصة : ( إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم وخفّت أماناتهم ، وكانوا هكذا ) ، وشبك بين أصابعه ...
فقال ابن عباس رضي الله عنه : فكيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك؟
قال : ( الزم بيتك ، وابك على نفسك ، وخذ ما تعرفه ودع ما تنكر ، وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ، وأملك عليك لسانك ) (١).
وليكن هذا آخر حديثنا في الفصل الثالث في طابع فقهه وكثرة فتاويه وما بينهما من تفاوت رُبّما كان للتقية دوراً في هذا المجال.
وبهذا نختم الجزء الثالث من هذه الحلقة ، فإلى قراءة الجزء الرابع وأوّله الفصل الرابع حول تضلعه في آداب اللغة العربية ، ومظاهر نبوغه فيها ، وفيما ورد عنه من آثار أدبية ومحاججات كلامية ومفردات حكمية ، وما يلحق بها وهو نهاية الباب الثالث ، أمّا الباب الرابع فنقرأ نماذج من خطبه ورسائله وكلماته القصار ، وبها ختام الجزء الخامس من الحلقة الثانية ، نسأل المولى جلّ اسمه التوفيق والتسديد لإتمامها وباقي الحلقات إنّه سميع جيب.
____________________
(١) مرجت أي فسدت ومنه قوله تعالى : ( بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ ) ( قّ / ٥ ).
وقوله : ( خفت أماناتهم ) أي قلّت ، مأخوذ من قولهم خفّ القوم أي قلّوا والحديث رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن.