الهوّة ، أمّا الآخران فكانا أعلا شأناً منه ، وأثبت إيماناً ، وأقوى جناناً.
ـ والآن لنقرأ ملامح عصر المهدي بن المنصور على النحو السابق في تعامله مع علماء عصره ، لنرى الأنماط الصحيحة والسقيمة.
لقد تولى المهدي الخلافة في سنة ١٥٨ هـ ، قال المسعودي في مروجه : ( وكان مُحبّباً إلى الخاص والعام لأنّه أفتتح أمره بردّ المظالم ، وكفّ عن القتل ، وآمّن الخائف وأنصف المظلوم ، وبسط يده في إعطاء الأموال ... ) (١) ، إلى آخر ما هنالك من إطراء.
ولم يذكر لنا المسعودي ما كان عليه من لعب الحمام ، حتى أنّه لم يقلع عن ذلك إلاّ بعد قصة غياث بن إبراهيم واضع حديث المسابقة بالحمام كذباً وزوراً.
فقد روى الخطيب البغدادي في ( تاريخ بغداد ) ، قال : ( وكان المهدي يحبّ الحمام ويشتهيها ، فأدخل عليه غياث بن إبراهيم ، فقيل له : حدّث أمير المؤمنين ، فحدّثه بحديث أبي هريرة : ( لا سبق إلاّ في حافر أو نصل وزاد فيه ( أو جناح ) ، فأمر له المهدي بعشرة الآف ، فلمّا قام قال ـ المهدي ـ أشهد أنَّ قفاك قفا كذّاب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإنّما استجلبت ذلك أنا ، فأمر بالحمام فذبحت ) (٢). وذكر الخطيب هذا الخبر ثانية بسند آخر وبتفاوت يسير (٣).
____________________
(١) مروج الذهب ٤ / ١٦٩.
(٢) تاريخ بغداد ١٢ / ٢٢٣ ط السعادة بمصر.
(٣) نفس المصدر.