وتطرح صفات الله واخلاقه كمعالم لهذا الهدف الكبير فالعدل والعلم والقدرة والقوة والرحمة والجود تشكل بمجموعها هدف المسيرة للجماعة البشرية الصالحة ، وكلما اقتربت خطوة نحو هذا الهدف وحققت شيئاً منه انفتحت امامها آفاق أرحب وازدادت عزيمة وجذوة لمواصلة الطريق لأن الإنسان المحدود لا يمكن أن يصل إلى الله المطلق ) (١).
ولقد شرحنا مفصلا في عنصر سابق ما للمثل الأعلى المطلق من آثار كمية ونوعية على المسيرة الإنسانية فلا حاجة للإعادة.
ج ) الله مؤثر بِمَا هو المشرّع والمقنن : ليس المقصود هنا التشريع والتقنين بالمعنى الفقهي الضيق وإنما بالمعنى الأعم الذي يتسع لتحديد الغايات وتأطير المسار وتقنين المسيرة فالله هو الذي حدد الغاية من الخلق ( وما خلقت الجن والإنس إلاّ ليعبدون ) (١) ، وهو الذي قنن حركة الإنسان إلى الله ، أي حركته التاريخية ، وجعلها خاضعة لسنن تاريخية وقوانين ونواميس الهية لا تتغير ولا تتبدل ( ولن تجد لسنة الله تبديلا ) وقد حلل هذه السنن التاريخية وارجعها إلى ثلاثة أشكال من السنن صوناً للحرية الإنسانية وحفاظاً على إرادة الإنسان التي دونها لا يصبح للمسؤولية الاستخلافية الاستئمانية أي معنى :
الشكل الأول للسنن التاريخية هو شكل القضية الشرطية.
الشكل الثاني : القضية الفعلية الناجزة الوجودية المحققة.
__________________
١ ـ م. ن ، ص ٢٠١.