الشكل الثالث : السنة التاريخية المصاغة على صورة اتجاه طبيعي.
هذا التنوع في سنن التاريخ وعدم كونها جميعاً من الشكل الثاني من شأنه أن يحفظ هامشاً كبيراً للإرادة الإنسانية واختيارها (١) ان الله عزوجل ... هو المهيمن والمدير والمسيّر للكون ... والتاريخ .. وما حركة الإنسان الارادية إلاّ جزء من هذه الهيمنة الالهية .. وجزء من إرادته .. فالغيب يحوط عالم الشهادة وليس للأخير أصالة أو استقلالية إلاّ بالمقدار الذي يمنحه الله .. لمفرداته .. بل حتى في عالم الإنسان حيث انفرد هذا الكائن بالاختيار وحرية الارادة .. فان هذه الحرية مهما سيء استخدامها ومهما وظفت في التمرد على الخالق وارادته .. فانه لن يخرج من هيمنة الغيب .. لأن الكافر لا يكفر إلاّ بتمكين من الله ... والظالم بظلمه لا يخرج عن سلطانه عزوجل ... وان الله ليس نهاية جغرافية ... وانما حقيقة موضوعية ... والكدح نحوه ... ليس طلباً تشريعياً وانما هو حقيقة تكوينية مغروسة في كل مفردة من مفردة الكون ... فقط المطلوب من الانسان الاندماج الإرادي التشريعي في الكدح نحو الله مع الكدح التكويني ... وهذا ما ذكرناه في تفسير الصدر لقوله تعالى ( والذي كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئاً ووجد الله عنده فوفاه حسابه والله سريع الحساب ) (النور : ٣٩).
__________________
١ ـ للتفصيل أكثر يراجع : المحاضرة السابعة من محاضرات المدرسة القرآنية ، للسيد باقر الصدر.