أما المستوى الأول فقد فصل الكلام فيه في بحثه نظام العبادات ( الجزء الاخير من الفتاوى الواضحة ) أين ذهب إلى أن الارتباط بالمطلق بمثل حاجة ثابتة في حياة الإنسان ولكن المشكلة الأساسية كيف يتم إشباع هذه الحاجة دون السقوط فيما سقطت الصيغ البشرية لهذا الارتباط حيث عانى الإنسان على مر تاريخه الحضاري في هذا المضمار من خطرين خطر الضياع واللاانتماء ( الالحاد ) من جهة وخطر الغلو في الانتماء ( الشرك ) من جهة أخرى و ( تلتقي المشكلتان في نقطة واحدة اساسية وهي إعاقة حركة الإنسان في تطوره عن الإستمرار الخلاق المبدع الصالح ) (١). إن الايمان بالله يعالج الجانب السلبي من المشكلة لانه يرفض الضياع واللاانتماء فهو يجعل الإنسان خليفة لله في الأرض ويتخطّى الإيمان بالله الجانب الايجابي من المشكلة مشكلة الغلو في الانتماء لأن هذه المشكلة ناشئة من تحويل النسبي إلى مطلق خلال عملية تصعيد ذهني ، وأما المطلق الذي يقدمه الإيمان بالله فهو ليس صنيعة مرحلة ذهنية ليصبح عائقاً في مرحلة لاحقة.
ولكن إشباع هذه الحاجة كأي غريزة أخرى لابدَّ أن يكون منسجماً مع المصلحة النهائية للإنسان من هنا كان لابدَّ للإيمان بالله والشعور العميق بالتطلع نحو الغيب والانشداد إلى المطلق لابدَّ لذلك من توجيه يحدد طريقة اشباع هذا الشعور ومن سلوك يعمقه ويرسخه على نحو
__________________
١ ـ محمد باقر الصدر ، الفتاوى الواضحة ، م. س ، ص ٧٠٧.