الوضعية. ومن سنخ الوحي يقوم الإلهام كأداة معرفية تستند إلى تزكية النفس ومجاهدتها في الإعراض عن دواعي الطبيعة ومتطلبات الهوى لبلوغ مراتب عالية في السير والسلوك.
إن هذا التنوع في أدوات المعرفة ووسائلها ساهم بفعالية في الثراء الفكري والمذهبي للتراث الإسلامي. ومن صميم هذا التنوع المعرفي انبثقت كل العلوم الإسلامية. فالحديث كان تدويناً للنص النبوي الذي يمثّل التفسير والتحليل الوافي للوحي وهو الوجه الآخر للنص القرآني التي تحوم حوله كل علوم القرآن في احضان الحديث نشأ الفقه وتكامل وتطور وكذا علم اصول الفقه الذي انبثق بدوره عن الفقه كمجال لدراسة القواعد العامة والمشتركة في استنباط الأحكام الشرعية .. الخ ..
هذا التنوع في مصادر المعرفة كان عاملا مهماً في تعدد المناهج المعرفية في فكرنا الإسلامي والتي يرجعها البعض إلى ثلاثة اتجاهات أساسية :
أ ـ المنهج الفلسفي بشقيه الإشراقي والمشائي.
ب ـ المنهج الكلامي.
ج ـ المنهج العرفاني.
ويضيف البعض منهجاً رابعاً معتبراً اياه مكمّلا للثلاثة السابقة : مدرسة الحكمة المتعالية التي توحد بين ( القرآن والعرفان والبرهان ) في الوصول للمعرفة (١). فالمنهج الكلامي قسيم للمنهج الفلسفي المشائي
__________________
١ ـ مرتضى مطهري ، الفلسفة ، دار التيار الجديد ، ص ٥٧.