القانون ظروفه الخاصة فبينما تَعْملُ الكائنات الطبيعية البحتة من أجل أهداف مرسومة من قبل واضع الخطة لا من أجل أهداف تعيشها هي وتتوخى تحقيقها فإن الإنسان كائن هادف يعمل من أجل هدف يريد هو تحقيقه. من الطبيعي أن تكون هذه الأهداف التي يحددها الإنسان وفقاً لمصلحته وحاجاته ، ولكن من جهة اخرى إن خلق الإطار الموضوعي لضمان عمل الإنسان وسعيه لمصالح الجماعة شرط لابدَّ منه لاستقرار الحياة الاجتماعية وديمومتها فينشأ التعارض بين ما تفرضه طبيعة الحياة المدنية من مصالح جماعية وما تدعو إليه توازع الفرد إلى مصالح شخصية وكان لابدَّ من صيغة تحل هذا التناقض : ( والنبوة بوصفها ظاهرة ربانية في حياة الإنسان هي القانون الذي وضع صيغة الحل هذه بتحويل مصالح الجماعة وكل المصالح الكبرى التي تتجاوز الخط القصير لحياة الإنسان إلى مصالح للفرد على خطه الطويل وذلك عن طريق اشعاره بالامتداد بعد الموت والانتقال إلى ساحة العدل والجزاء التي يحشر الناس فيها ليروا اعمالهم ( فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره ) (الزلزلة : ٧ ـ ٨) وبذلك تعود مصالح الجماعة مصالح للفرد نفسه على هذا الخط الطويل ) (١) ، وتتألف هذه الصيغة من جانب نظري وجانب تطبيقي : الاول يتمثل في النظرية التي تستند إليها الصيغة وهي عقيدة المعاد : أما الجنبة التطبيقية فهي الممارسة التربوية للإنسان على هذه النظرية وهي عملية قيادية
__________________
١ ـ م. ن ، ص ٦١.