النبوة كما نظر إلى بقية اصول الدين نظرة مغايرة تُبْرِزُ الابعاد الاجتماعية لهذه الاصول الاعتقادية ودورها في البناء الحضاري ولذلك كشف في بحوثه المتفرقة عن الحاجة الماسة إلى النبوة ... والرابط بين كل ما كتب في هذا الموضوع هو تأكيد الحاجة الملحة والضرورة الحضارية للنبوة :
أ ) النبوة حاجة معرفية : الانسان بحكم جهازه الادراكي حسي اكثر منه عقلي فهو ينفعل بالمحسوس أكثر من أي شيء آخر. ولذلك كانت الحضارات في التاريخ متأثرة بهذا الميل نحو الحس. والحضارة الغربية اليوم في ثقافتها وانتاجها العلمي والتقني تكشف عن نزوع للحس والتجربة أكثر من أي شيء آخر ، ولكن هناك معارف اخرى : المعقولات والقيم الاخلاقية التي لا يمكن أن يدركها الإنسان بالحس والتجربة بل يتفاعل معها عادة بالعقل والوجدان. ولكن إدراك هذه القيم الروحية والمعنوية لا يرقى إلى الحس ولذلك نرى عبر التاريخ أن التفاعل معها يبقى باهتاً فاتراً ... لا يبلغ حرارة الادراك الحسي وقوته ... من هنا نشأت الحاجة إلى الأنبياء في تعميق الإدراك لهذه القيم ولقد تمكن الإنسان عبر هؤلاء الأنبياء من الانفتاح الحسي على القيم العقلية والروحية. ولولا الوحي لما كان للبشرية من إدراك حسي للمعنويات فالأنبياء هم الطليعة البشرية التي عايشت حسياً هذه الأحكام العقلية والمفاهيم الروحية والعنوية وهم بدورهم يعسكون هذه التربية الحسية على الناس ولولا الوحي لا نحصر الحس بالمادة ولتضخم الوعي بها على حساب المعنويات ( فالوحي حسب