الإمامة في كل زمان ) (١) ، من هنا نفهم الشروخ العميقة التي تفصل بين الذهنيات المذهبية المختلفة حول حقيقة الإمامة هل هي أصل أم فرع؟ ما هي صفات الإمام؟ ما الطرق لنصبه ومعرفته؟ ... الخ ...
ولكن ما يهمنا في المقام كيفية دراسة باقر الصدر للمسألة انطلاقاً من منهجيته المتميزة ففي منظوره أن الإمامة كالنبوة حاجة حضارية متأصلة في حركة المجتمع والتاريخ. لقد شرح باقر الصدر هذا التوافق والانسجام بين النبوة والإمامة وانهما يعبران عن حقيقة واحدة في أطروحته ( خلافة الإنسان وشهادة الأنبياء ) حيث أبرز كيف أن البشرية في مسيرتها تمثّل خط الخلافة لله عزوجل.
وهذه المسيرة تحتاج إلى إشراف وتوجيه وتسديد : وهو الخط الثاني الذي تولى هذه المهمة ( خط الشهادة ) ( وضع الله سبحانه وتعالى إلى جانب خط الخلافة خلافة الإنسان الخليفة من الإنحراف وتوجيهه نحو اهداف الخلافة الرشيدة ) (٢). لقد حدد الصدر أهداف هذا الخط : خط الشهادة ( ذكرناها في أصل النبوة ) ، ولقد اعتمد في تحديد هذا المهام على الآية ٤٤ من سورة المائدة ( إنَّا انزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين اسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا
__________________
١ ـ الشهرستاني : الملل والنحل ، م. س ، ج١ ص ٢٤.
٢ ـ محمد باقر الصدر ، الإسلام يقود الحياة ، م. س ، ص ١٦١.