أمّا التطبيق الثاني للدليل الاستقرائي في بحوث الإمامة : فيتمثل في الاستدلال على إمامة المهدي ( عج ) رغم صغر سنه ودفع الشبهة الواردة في المقام : لقد مثلت الإمامة المبكرة ظاهرة في الفترة الأخيرة من تاريخ الأئمة الأطهار فالامام الجواد تولى الإمامة وهو في الثامنة والإمام الهادي تولاها وعمره تسع سنين والإمام العسكري والد المهدي تولى الإمامة وهو في الثانية والعشرين من عمره .. إن هذه ظاهرة حسية عاينها الناس ولمسوها عن قرب ( ولا يمكن ان نطالب باثبات لظاهرة من الظواهر أوضح وأقوى من تجربة أمة ) (١).
ولكن يمكن أن نستل من كلمات السيد استدلالا استقرائياً قائماً على رصد جملة من الظواهر ينحصر تفسيرها في واقعية هذه ( القضية ) وهي الإمامة المبكرة.
فلابدَّ أن نسجل هذه الحقائق أولا : وهي :
أولا : إن الإمامة لم تكن مركزاً من مراكز السلطان وإنما كانت تكتسب ولاء قواعدها الشيعة من الاقتناع الفكري والروحي للجماهير بهذه الزعامة.
ثانياً : أن القاعدة الشعبية الشيعية تشكلت في عصر الباقر والصادق ( عليهما السلام ) وأصبحت مدرسة تتسع للعديد من الفقهاء والمتكلمين والعلماء وتياراً فكرياً واسعاً.
__________________
١ ـ محمد باقر الصدر ، بحث حول المهدي ، دار التعارف ، ص ٥٢.