إن استقراء تاريخ هذا العلم يعكس مداً وجزراً ، إقبالا وإدباراً ... حَيْثُ لم يكن دائماً في مستوى الحاجة الماسة للمسلمين في الذبّ عن الدين والمبدأ والوحي والمعاد ... لقد شهد تاريخ هذا العلم فترات ازدهار وتقدّم كما عرف انتكاسات موضعية لم تفقده على ( كل حال ) ... تكامله في اتجاه عام تصاعدي ...
وإن محاولة تحقيب هذا التاريخ تواجه صعوبات جمة لأن خصوصيات المذاهب والمدارس الكلامية المختلفة تحول دون ان نرسم تاريخاً واحداً حيث اختلفت مراحل كل تيار عن بقية المدارس واكتسبت كل مدرسة طابعاً وتكاملا يميّزها عن المدارس الأخرى.
ولذلك سنحاول ان نحدّد الملامح الكبرى العامة لتاريخ هذا العلم والتي تشترك فيها تقريباً كلّ الاتجاهات الكلامية من اشاعرة ومعتزلة وامامية ... الخ ... وإذ نحن نحاول ان نُعطي منحى عاماً لكل المدارس الكلامية لابدَّ أن نشير أن ازدهار هذا العلم بتعدّد فرقه ومذاهبه كان مصاحباً لازدهار الإسلام ( وانحط علم الكلام حين جمد فكر المسلمين ... وحين اغلق باب الاجتهاد ) (١).
وأهم المراحل هي :
__________________
١ ـ أحمد محمود صبحي ، علم الكلام ، مج١ ص ٣٨.