( الخواجة الطوسي ). وأوغلت بعض الاتجاهات الحرفية فحاربت علم الكلام واعتبرته بدعة كالحشوية والسلفية وبعض أئمة مذاهب الفقه.
إن موضوع علم الكلام وخطورته هما اللذان بوَّآه المكانة السامية في تاريخنا الثقافي. فان كان شرف العلم كما يقول القدماء بشرف المعلوم فلا علم فوق الكلام لأنه يتعلّق بالذات الالهية المقدّسة وصفاتها وافعالها بالمعنى العام للفعل الذي يتضمّن النبوة والمعاد كتجليات للفعل الإلهي.
وان كان جل العلوم الإسلامية الأخرى تقوم على النص القرآني والنبوي وكلمات المعصومين فان علم الكلام هو الذي يتكفّل اثبات هذا النص بإثبات أصل التوحيد وأصل النبوة.
وفي زماننا الحاضر لم يفتقد ( علم العقائد ) أهميته البتة. بل عززتها الحاجة الفطرية المتأججة لدى الإنسان لامتلاك رؤية كونية عامة تضيء له الدرب وتفتح أمامه الآفاق بالاجابة عن أهم الأسئلة الكبرى التي تقلقه من أين؟ وفي أين؟ وإلى أين؟
لقد تعمّقت هذه الحاجة عبر التاريخ ... خاصة بعد احتكاك المسلمين مع الشعوب الأخرى ودياناتها وبعدما انخرطوا في الصراع المذهبي والديني سواء داخلياً أو مع المعتقدات الأخرى.
ولكن هلم بلغ علم الكلام من النضج ما يؤهّله لمواكبة تحديات العصر ومتطلبات الزمان؟ وهل كان في تاريخه دوماً في مستوى هذه المسؤولية التي تعهد بادائها والذب عنها؟