للإنسان وعلماً خالصاً صافياً من الشوائب والأكدار وان علماً تكون له هذه الخصائص بقادر حقاً على ان يدفع بأصحابه إلى الإمام ) (١) وبقراءة هذه المحاولات الهامة في بناء هذه القواعد الجديدة يبدو مشروع باقر الصدر متميزاً لأنه قام على معالجة أصول الدين معالجة اجتماعية نهضوية تسعى أساساً لتقديم الدين كحل للمشكلة الاجتماعية والتوحيد كبرنامج ثوري ضد الظلم والجهل والانحراف والنبوة كصلة موضوعية بين الله والانسان تقود زمام هذه الثورة الالهية وتنتصر لطموحات البشر في الكمال والسعادة ، لقد قرأ الصدر هذه الاصول الاعتقادية قراءة مستحدثة مستنيرة لم تفصل الله عن الانسان والسماء عن الأرض والاعتقاد عن الحياة .. والتصور عن العمل والحركة ان هذه الازدواجية بين الغيب والشهادة بين الأرض والسماء تتهاوى عندما تتحرك عقيدة الامة في اتجاه إلباس الأرض أطر السماء (٢) وتعميم روح المسجد على كل فضاء.
ان هذه النقلة الهامة يتحول معها الدين من شأن فردي وقضية شخصية إلى مشروع مجتمعي ويغدو حينذاك الملاذ الواقعي الصحيح لحل المشكلة الاجتماعية ، ولا غرابة ان يعمد باقر الصدر لاحداث هذه النقلة إذا التفتنا إلى أن حل المشكلة الاجتماعية كان دائماً هاجسه الكبير لذلك حاول على طول مسيرته العلمية أن يؤسس النظريات الإسلامية
__________________
١ ـ فهمي جدعان : اسس التقدم ، ( مصدر سابق ) ، ص ١٨٩.
٢ ـ محمد باقر الصدر : منابع القدرة في الدولة الإسلامية ( الإسلام يقود الحياة ) ، دار التعارف ، ص ٢٢٨.