موصوفاً بكل النعوت المنفرة : فهذا ( عبد القاهر البغدادي ( ت ٤٢٩ هـ ) ) لا يكاد يعرض مذهباً من مذاهب الخصوم على وجهه الصحيح ، و ( الشهرستاني نفسه ( ت ٥٤٨ هـ ) ) صاحب الملل والنحل رغم ما شرطه على نفسه في مقدمة كتابه ( وشرطت على نفسي أن أورد مذهب كل فرقة على ما وجدته في كتبهم من غير تعصب لهم ولا كسر عليهم دون أن أبين صحيحه من فاسده واعين حقه من باطله وان كان لا يخفى على الافهام الذكية في مدارج الدلائل العقلية لمحات الحق ونفحات الباطل وبالله التوفيق ) (١) ، ولكنه لم يلتزم بما شرطه على نفسه وجاوز حد الموضوعية في كثير من المسائل يقوم عن ذلك أحمد أمين ( ورأيت مؤلفي العرب كالشهرستاني والقفطي وامثالهما قد خلطوا حقاً وباطلا فكثيراً ما نسبوا القول إلى غير قائله ... ) ، لقد بحث كل من ممثلي العلم المللي النحلي الإسلامي ضمن اطار انتمائه الفكري والعقائدي عن الفرقة التي كان بإمكانه أن يقول هنا الحقيقة وان كانت هذه الصياغة ظاهرة مميزة للكتابات الأولى على الأقل في مفاهيمها المباشرة فإنها تعمقت في وقت لاحق إلى الدرجة التي لم يعد الحاسم فيها مفهوم الانتماء المباشر للإسلام فقط بل ومضمون العقائد الإسلامية ذاتها ( فالنوبختي ) الذي لم يشر إلى الحديث ( حديث الفرقة الناجية ) لم يُفته ان يحقق واقع الانقسام القائم في صراع الفرق ودعوى التمثل الانتمائي للفرق الناجية ( أو أهل السنة والجماعة ) بعبارة ( كل منهم
__________________
١ ـ الشهرستاني ، الملل والنحل ، تحقيق محمد سيد كيلاني ، ص ١٦.