حول حلقة الأدلة القديمة التي لم تعد تعني في الواقع شيئاً ذا بال في عالم بات يلزم أهله بإعادة النظر في أنماط المعرفة والعقل الموروث كله ) (١) ... ان تغييب باقر الصدر وأمثاله كمطهري والسيد الطباطبائي .. هو الذي أوقع الجدعان في الوهم .. وإلاّ فان إطلاله على إنتاج هؤلاء الفلاسفة وعلى نتاج الصدر خاصة ( فلسفتنا واقتصادنا والأسس المنطقية ) كافية للكشف عن باع هؤلاء عامة والصدر خاصة في مقارعة الفلسفة الحديثة والنظريات العلمية الجديدة واستفادتهم من هذه الثقافة المعاصرة في تأصيل النظرية الإسلامية وتشييد أركانها.
هذه هي النزعة الموضوعية الانسانية .. التي تستهدف اليقين والاقناع وتتعالى عن الجدل والتمذهب يكرّسها باقر الصدر أيضاً في حواره مع الاتجاهات الأخرى داخل الفكر الإسلامي .. فرغم تعاطيه مع أكثر المسائل حساسية في تاريخنا الإسلامي ( خلافة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ومسألة ولاية الإمام علي ( عليه السلام ) وقضية فدك .. ودور الأئمة ( عليهم السلام ) في التاريخ ومسألة الإمام المهدي ( عليه السلام ) ) .. ورغم النفس المذهبي الطاغي في التعامل مع مثل هذه القضايا .. إلاّ أن باقر الصدر استطاع أن يبحث هذه المسائل باسلوب علمي رصين استفاد فيه من الآليات والتحولات المنهجية التي ابتكرها .. وادرك نتائج هامة .. لا تزال مثار بحث وتحليل العديد من الدراسات.
__________________
١ ـ فهمي جدعان : اسس التقدم ، ( م. س ) ، ص ٥٤٤.