يصل إلى مرحلة التجريد الفكري ( فقد توصل الإنسان إلى الإيمان بالله منذ أبعد الأزمان وعبده وأخلص له وأحس بارتباط عميق به قبل أن يصل إلى أي مرحلة من التجريد الفكري الفلسفي أو الفهم المكتمل لاساليب الاستدلال ) (١).
إن هذا الإيمان لم يكن وليد التناقض الطبقي ونابع من مستغلين ظالمين كرّسوا الدين حفاظاً على مصالحهم ومناصبهم في المجتمع. ولم يكن هذا الايمان وليد خوف أو شعور بالرعب تجاه الظواهر الطبيعية أو كوارثها المدمرة لأنه لو كان الأمر كذلك لكان أكثر المتدينين هم اشد الناس خوفاً وأسرعهم هلعاً ولكن تاريخ الاديان يعكس أن الذين حملوا مشعل مسؤوليته على مر التاريخ من أقوى الناس وأصلبهم عوداً ، لقد ناقش الصدر في كتابه اقتصادنا النظرية الماركسية في تفسيرها لظاهر الدين وحلل جذور هذه التفسيرات المادية حيث ان الماركسة ( وقد استبعدت عن تصميمها المذهبي كل حقائق الدين الموضوعية من الوحي والنبوة والصانع فكان لابدّ أن تصطنع للدين وتطوراته تفسيراً مادياً ) (١). لقد بحثت الماركسية عن الظاهرة الدينية في الوضع الاقتصادي للمجتمع ولكن السيد باقر الصدر يناقش كل الفروض التي تتمسك بها الماركسية في هذا المجال (٢) ويؤكّد بالمقابل على سننية الدين وانه قانون في التاريخ
__________________
١ ـ محمد باقر الصدر : الفتاوى الواضحة ، دار التعارف ، الطبعة الثامنة ، ص ١١.
٢ ـ محمد باقر الصدر : اقتصادنا ، ( م. س ) ص ١١٢.
٣ ـ انظر اقتصادنا ص ١١٢ و ص ١١٦ ـ ١١٧.