الضلال من بعده! هذا ، وقد اقتصرنا على ذكر العلّة في راوي واحد لكلّ سند ، وإلا ففي أسانيد هذه الروايات رواة آخرون متروكون وضعفاء ومجاهيل ، وفيما بينّاه من حال هؤلاء الأربعة كفاية لردّ هذه الروايات.
وكما ذكرنا في الفصل الأول ، فقد اقتصرنا في هذا البحث على الروايات المتّصلة الإسناد ، وأعرضنا عن المراسيل والمنقطعة السند لعدم حجيّتها أصلاً ، ومن بين هذه المراسيل رواية الطبري في تاريخه عند ذكره لخطبة الوداع ، وأيضاً رواية مرسلة جاءت في موطّأ مالك عن عمرو بن عوف بعبارة : ( كتاب الله وسنّتي ) ، وقد روى القرطبي عنه هذه الرواية بسند متصل سبق بيان العلّة فيه.
ولعلّ العامل الرئيسي في انتشار هذه الرواية مع أنّها لم تصدر إلا من رواة لا عدالة لهم في رواية الحديث ، هو براءة مضمونها ، واتّفاق المسلمين بإجماع على أنّ العمل بكتاب الله وسنّة نبيّه صلىاللهعليهوآله أمر واجب لا يجاحد فيه أحد ، ممّا سهّل لهذه الصيغة أنّ تحظى بالمصداقيّة والقبول ليس عند العوامّ فحسب ، بل عند الخطباء والكتّاب وطائفة من العلماء أيضاً ، دونما بحث أو تمحيص ، إذ ليس في مضمونهما ما يدعو للشكّ والتحقيق.