الأخص من کتاب (etudes sur la religion des soubbs) الصادر في باريس في ١٨٨٠. فعلى الرغم من أن هذا الکتاب ليس بحثاً علمياً فإنه يستحق مع ذلک اهتماماً خاصاً لأن مؤلفه السيد سيوفي ـ نائب القنصل الفرنسي في الموصل جمع کل المعلومات التي أوردها فيه من أحد الصابئة مباشرة وهو ابن أحد القسس (١) الصابئة. لقد کان هذا الصابئي الذي قرر أن يکشف أسرار دينه لشخص يعتنق ديناً آخر، في طريقه إلى التحول إلى الکاثوليکية بفضل الجهود التي بذلها رئيس بعثة الکرمليين في بغداد آنذاک (pere marie joseph)، وکان قبل أن يتعرف على نائب القنصل المذکور قد طرده الصابئة من صفوفهم باعتباره مرتداً عن دينهم.
ولکي نوضح بجلاء العناصر الأجنبية التي تکونت منها عقائد الصابئة الدينية والتشوش الذي حدث بسبب اقتباسها من الأديان الأخرى، فإننا سنبدأ حديثنا بالتعرض باختصار للمأثر الشفهية التي تتعلق بحياة الصابئة في الفترة التي سبقت انتقالها إلى العراق الجنوبي وخوزستان المجاورة له، بشکلها الذي توجد فيه عند الصابئة حالياً.
کان على رأس الصابئة قبل فترة طويلة من ظهور يوحنا المعمدان الذي يعتبره الصابئة مشرعهم الأول، شخص اسمه دانانوک (٢) وکان يهيمن على السلطتين الدينية والزمنية. وقد تخلى دنانوخت هذا بإيحاء من
______________________
(١) يستخدم المؤلف کلمة دياکون التي تعني في الکنيسة الأرثوذکسية مساعد القس أثناء أداء الخدمة الدينية مقابل کلمة شکندة عند الصابئة وکلمة قس مقابل ترميدة وأسقف مقابل کنزفرة. نرجو من القارئ الکريم أن يلاحظ ذلک ـ المترجم.
(٢) الصحيح دنانوخت وهو الإسم الذي سنستخدمه بدلاً من دانانوک من الآن فصاعداً ـ المترجم.