إلى أبي الفرج المذکور الذي لم يتمکن من التفوق في المباراة مع کلهور فحسب وإنما عمد إلى معاقبة هذا الأخير على ملاحقته للصابئة، فقد أخذ نواة تمر وزرعها في الأرض فنمت منها أمام أعين المشاهدين نخلة أعطت ثمراً في الحال، ثم اقترح أبو الفرج على کلهور أن يتسلق النخلة ويجمع التمر، ولم يکد يصل إلى أعلى النخلة حتى أخذت النخلة بکلمة من صاحب المعجزة الصابئي تطول الى الأعلى ثم بدأت الرياح التي استدعاها أبو الفرج من الجنوب والشمال تطوح بها مرة الى هذا الجانب ومرة الى ذاک، وظل کلهور الجالس عليها يتعذب الى أن أقسم على أن يترک الصابئة بسلام.
وبعد أن عين أبو الفرج القسس والأساقفة وأرشد الصابئة الى الدين الصحيح عاد مرة أخرى الى مشوني کشطة (العالم الأرضي غير المنظور) لکن کلهور على الرغم من القسم الذي أداه عاود اضطهاد الصابئة بمجرد أن غادر حاميهم القوي شوستر. وقد أصبح وضع أتباع يحيى في نهاية الأمر لا يطاق الى درجة بحيث اضطروا مغادرة ممتلکات کلهور فسکن قسم منهم في دزفول واستقرت أغلبيتهم في المحمرة واستطاعوا هنا أن يتواءموا مع المسلمين لفترة طويلة الى أن أدي نزاع وقع بين أحد الصابئة وعربي الى صدام دامٍ بين الشعبين أفضى الى فناء القادمين فناءً تاماً تقريباً. وقد هرب من بقي حياً منهم الى دزفول وعاشوا بين الصابئة الموجودين هناک. ونظراً لعدم وجود رجال دين حقيقيين بسبب موتهم في أثناء الاضطهادات الشديدة، کان يقوم بالخدمة الدينية والطقوس لهؤلاء وأولئک أناس خيرون شرفاء تختارهم الرعية نفسها.
وظل الحال على هذا المنوال الى أن حل
الطاعون الکبير في ١٨٣١ الذي اجتاح ما بين النهرين وفارس المجاورة لها وذهب بالعديد من