وإذا عمدنا الى إجمال النتائج التي نستخلصها من جميع ما ذکرناه عن الصابئة ليس بإمکاننا اعتبارهم مسيحيين على الرغم من آثار المسيحية المعروفة البادية في عقائدهم الدينية. فالواقع أنهم يعبدون ويتوجهون في صلواتهم بالإضافة الى الکائن الأعلى الى ثلاثمائة وستين ملکاً من ملوک الجنة ويبجلون الکواکب ولا يعترفون بعيسى المسيح وينکرون التوراة والإنجيل. کما أن عندهم ما يشبه أسرار التعميد والقربان والاعتراف ويستعملون في بعض الأحيان علامة الصليب. کذلک لا يمکن قرن الصابئة باليهود بسبب عدم ممارستهم للختان على الرغم من أنهم لا يأکلون إلا اللحم الحلال ويفرقون بين الحيوانات التي يسمح بأکل لحمها وتلک التي يحرم أکلها کما أنهم ينظفون أنفسهم ويغتسلون بنفس الدقة التي يفعل بها ذلک اليهود.
وإننا في الواقع نمسک عن أن نقرر من هم الصابئة على أساس عقائدهم الدينية وذلک لأن العلماء الأوروبيين ما زالوا لم يصلوا الى استنتاج نهائي بهذا الخصوص من جهة، ومن الجهة الأخرى يتعذر إعطاء رأي علمي دقيق دون دراسة جدية مسبقة لعلم اللاهوت المقارن ودون اطلاع مفصل وعميق على جوهر عقائد الصابئة الدينية وعلى محتويات کتبهم المقدسة، بل وحتى على حياتهم وعاداتهم وأعرافهم.
انتهى الجزء الأول ويليه الجزء الثاني