كل هذه التساؤلات والملابسات تشكّكنا في صحّة نسبة النقل الحكومي عن علي و ابن عبّاس ومن شابههما ، و خصوصاً حينما عرفنا أنّ أئمّة نهج الاجتهاد و الرأي لا يستسيغون المرويّ بواسطة أصحاب التّعبد ـ و على رأسهما علي و ابن عبّاس ـ إلاّ ما يوافق رغباتهم.
فعلى هذا لا يمكن الركون إلى ما يروى عن علي و ابن عبّاس في الغسل في الوضوء ، لأنّه قد ثبت لدينا من جهة أخرى بأسانيد أصحّ أنّ مذهب أهل التعبد ـ هو روايتهم عن النبي في الوضوء ـ المسح لا الغسل.
فالعقل طبقاً لما تقدم لا يقبل أيَّ نسبة أو أيّ رواية مروية إلى علي و ابن عبّاس توافق نهج الخلفاء و خصوصاً إذا عارضها منقول آخر عنهما في الصحاح و المسانيد ، لأنّ الأرجح في النقلين هو ما يخالف نظرة الخليفة دائماً ، بل و حتى لو كان مرجوحاً سنداً فإنه يبقىٰ هو الأولى في مقام الأخذ ، و ذلك للأمور التالية ( التي هي خلاصة لما تقدم ) :
١ ـ استفادة النهج الحاكم من نقل ما يفيدهم.
٢ ـ تَخالُفُ المنقول في الموطأ و غيره مع روايات مدرسة أهل البيت و التي توارثوها كابراً عن كابر.
٣ ـ إصرار نهج الاجتهاد و الرأي على عدم الأخذ بفقه علي و ابن عبّاس ـ و من سار على منهاج علي ـ و فرض الحصار عليهم فقهياً و سياسياً ، و كلّ هذا يدعونا للقول بعدم صحة المنسوب الغسلي في الصحاح و المسانيد إلى هؤلاء ؛ لتخالفه مع الفقه الثابت عنهم.
و يؤيد ذلك أيضا أمورٌ :