و قد فرغنا في الصفحات السابقة من بيان النكات السندية و الدلالية و قلنا أنّ الأخبار الغسليّة عن ابن عبّاس لا يمكنها أن تعارض الأخبار المسحيّة ، بل هي مرجوحة بالنسبة إليها ، لعدة جهات :
الأولى : كثرة الرواة عن ابن عبّاس في المسح ، و كون أغلب هؤلاء من تلاميذ ابن عبّاس و المدوّنين لحديثه ، بخلاف رواة الغسل الذين هم الأقل عدداً و ممّن لم يختصّوا به كما اختصّ به رواة المسح عنه و لم يكونوا من المدوّنين ، و هذا ما سنوضحه بعد قليل إن شاء الله تعالى.
الثانية : وحدة النص المسحي عن ابن عبّاس و هو « الوضوء غسلتان و مسحتان » ، بخلاف النصوص الغسليّة فهي مختلفة النصّ و المعنى ، فإنّ اتحاد النصّ المنقول بطرق متعدّدة ـ كالمُشَاهد في الإسناد الأول المسحي عن ابن عبّاس ـ و رواية ثلاثة من أعلام التابعين عنه ـ كمعمر بن راشد في إسناد مصنف عبدالرزاق ، و روح بن القاسم في إسناد ابن ماجة و ابن أبي شيبة ، و سفيان بن عيينة في إسناد الحميدي و البيهقي ـ لَقَرينة على صدور المسح عن ابن عبّاس لا محالة.
الثالثة : وجود قرائن كثيرة دالة على كون الغسل قد شرّع لاحقاً ؛ لقول ابن عبّاس « أبى الناس إلاّ الغسل و لا أجد في كتاب الله إلاّ المسح » و اعتراضه على الربيع بنت المعوذ ...
الرابعة : إنّ في كلام ابن عبّاس إشارة
إلى حقائق كثيرة ، منها دلالة القرآن على المسح لقوله : « لا أجد في كتاب الله إلاّ المسح » ، و ثانياً : دلالة