لا يرتضون إعطاء الشرعية لهذه الاجتهادات ؛ لمخالفة بعضها لكتاب الله و سنة نبيه ، فكانوا يخالفون تلك المواقف و يحدّثون عن رسول الله صلىاللهعليهوآله فيها ، و هذه الأحاديث النبوية هي التي كانت تؤذي الخليفة عمر بن الخطّاب ، فلمّا ظهرت الأحاديث بيد الناس دعاهم عنده و قال لهم : « إنّكم أكثرتم الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله » ، أو قال « أفشيتم الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله » ثمّ أمرهم بالبقاء عنده حتى أصيب.
فأنصار التعبّد المحض كانوا يحدّثون حتّى لو وضعت الصمصامة على أعناقهم.
فقد روى الدارمي بسنده عن أبي كثير ، قال : حدثنى أبي ، قال : أتيت أبا ذر و هو جالس عن الجمرة الوسطي و قد اجتمع الناس عليه يستفتونه ، فأتاه رجلٌ (١) فوقف عليه ثم قال : أَلَمْ تُنْهَ عن الفتيا (٢) ؟! فرفع رأسه إليه فقال : أرقيب أنت عَلَيَّ ، لو وضعتم الصمصامة على هذه ـ و أشار إلى قفاه ـ ثم ظننت أني أنفذ كلمة سمعتها من رسول الله صلىاللهعليهوآله قبل أن تجيزوا (٣)
_______________________________
(١) هو فتى من قريش كما في تاريخ دمشق ٦٦ : ٩٤. و في فتح الباري ١ : ١٤٨ « و بيّنّا أنّ الذي جابهه رجل من قريش ». و قريش هم أصحاب السلطان و الرأي و الناهون عن التدوين و التحديث ، إذ صح عن عبدالله بن عمرو بن العاص أنّه قال : كنتُ أكتب كلّ شيء أسمعه من رسول الله أريد حفظه فنهتني قريش ... فأمسكتُ. المستدرك على الصحيحين ١ : ١٠٥ ، مسند أحمد ٢ : ١٦٢ و ١٩٢ ، و سنن الدارمي ١ : ١٢٥ ، و سنن أبي داود ٢ : ١٧٦.
(٢) قال ابن حجر في فتح الباري ١ : ١٤٨ « إن الذي نهاه عن الفتيا عثمان ».
(٣) تجيزوا : أي تكملوا قتلي.