وأمّا الإسناد الثاني
فهو يمتاز أيضا ببعض الميزات ، منها أنّ عبدالرزاق جالس معمراً سبع أو ثمان سنين (١) ، و كان حديث عبدالرزاق عن معمر أحبّ إلى أحمد لأنّه كان يتعاهد كتبه وينظر فيها (٢). و منها أنّ معمراً جلس إلى قتادة و هو ابن اربع عشرة سنة فما سمع منه حديثاً إلاّ كأنّه مُنْقَشٌ في صدره (٣). و قد احتج الجماعة أصحاب الصحاح برواية قتادة عن جابر و عكرمة (٤) ، و ما قد يقال من أنّه ربّما دلّس فمدفوع هنا بأنّ عنعنته هنا محمولة على السماع لأنّ له تصريحات معتبرة بالسماع عن جابر بن زيد و عكرمة. على أنّ متن هذا الحديث قويّ من جهة كونه مشفوعاً بالاستدلال على الوضوء الثنائي المسحي ؛ إذ استدل ابن عباس بأنّ مسح المغسولَيْن و سقوط الممسوحَيْن في التيمّم ليدل على أنّ الوضوء غسلتان و مسحتان.
وأمّا الأسانيد الخمسة الباقية
فليس فيها إلاّ ما قد يقال من سوء حفظ و قلة ضبط عبدالله بن محمد بن عقيل الذي كان بسبب طول عمره ، و أمّا وثاقته فلا كلام فيها (٥) ، فهو ممن يتابع على حديثه ، و أمّا باقي الرواة فثقات ، بل بعضهم
_______________________________
(١) تهذيب الكمال ١٨ : ٥٦.
(٢) تهذيب الكمال ١٨ : ٥٧ عن الاثرم عن احمد ، و في ٥٨ عن ابي زرعة قريب منه.
(٣) تهذيب الكمال ٢٨ : ٣٠٦.
(٤) انظر تهذيب الكمال ٢٣ : ٤٩٩ ، ٥٠١.
(٥) انظر ترجمته في تهذيب الكمال ١٦ : ٧٨ ، و سير اعلام النبلاء ٦ : ٢٠٤.