بربها وفاطرها بأسمائه وصفاته وأفعاله ، وأحكامه ، وأن تكون مؤثرة لمرضاته ولمحابه مجتنبة لمناهيه ومساخطه ، ولا صحة لها ولا حياة البتة إلا بذلك ، ولا سبيل إلى تلقي هذا ومعرفته إلا من جهة الرسل المبلغين عن اللّه. وما يظن من حصول صحة القلب بدون اتباعهم فغلط فاحش وضلال مبين ممن يظن ذلك ، وأن ما يحس من نشاط وقوة ، فذلك حياة نفسه البهيمية الشهوانية وصحتها وقوتها وأما حياة قلبه وصحته وقوته فعن ذلك بمعزل. ومن لم يميز بين هذا وهذا فليبك على حياة قلبه فإنه من الأموات ، وعلى نوره فإنه منغمس في بحار الظلمات.
ومن هاهنا تعلم اضطرار العباد فوق كل ضرورة إلى معرفة الرسول وما جاء به وتصديقه فيما أخبر به وطاعته فيما أمر فإنه لا سبيل إلى السعادة والفلاح لا في الدنيا ولا في الآخرة إلا على أيدي الرسل ، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهتهم ولا ينال رضا اللّه البتة إلا على أيديهم ، فهم الميزان الراجح الذي على أقوالهم وأعمالهم وأخلاقهم توزن الأقوال والأعمال والأخلاق ، وبمتابعتهم يتميز أهل الهدى من أهل الضلال ، فالضرورة إليهم أعظم من ضرورة البدن إلى روحه والعين إلى نورها ، والروح إلى حياتها ، فأي حاجة وضرورة فرضت؟ فضرورة العبد وحاجته إلى الرسل فوقها بكثير ، وما ظنك بمن إذا غاب عنك هديه وما جاء به طرفة عين فسد قلبك وحل به من الآلام والعذاب ما يكون به مثل الحوت إذا فارق الماء ووضع في الفلا. وإذا كان هذا عمل الأنبياء عليهم من اللّه أفضل الصلاة والسلام ـ وتلك وظيفتهم فإنه لا يتم الغرض منها ولا تتحقق على تمام وجهها إلا إذا كانوا من الكمال وعلو المنزلة وسمو المقام في نفوس الناس بالدرجة التي تجعلهم