فولدت نصف غلام فجاءت به القابلة وألقته على كرسيه بين يديه. ولو قال إن شاء اللّه لكان كما قال (١) » فكان الابتلاء لأجل تركه الاستثناء.
( الثاني ) أنه امتحنه بمرض شديد ، فصار جسدا لا حراك به مشرفا على الموت ، كما يقال : لحم على وضم (٢) وجسد بلا روح على معنى شدة الضعف ، والتقدير : وألقينا جسده على كرسيه ، فحذف الهاء للاختصار.
( الثالث ) ولد لسليمان ولد ، فاحتال الشيطان في قتله ، وقالوا : نخاف أن يعذبنا كما يعذبنا أبوه ، فأمر السحاب فحملته وأمر الريح فغذته خوفا من الشياطين فمات الولد ، فألقى ميتا على سريره ابتلاء حين خاف الشياطين.
فأما الذي يذكره الأكثرون من القصاص من حديث الخاتم وآصف فتلك الحكاية باطلة لم يدل على صحتها شيء فلا يجوز الالتفات إليها.
( الشبهة الثالثة ) تمسكوا بقوله : (رَبِّ اِغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لاٰ يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) (٣) قالوا : هذا حسد فكيف يليق بالنبي صلّى اللّه عليه وسلّم؟
( جوابه ) من وجوه سبعة :
( الأول ) أن معجزة كل نبي تجب أن تليق بأحوال أهل زمانه ،
__________________
١ ـ هذا الحديث رواه البخاري ومسلم بغير هذا اللفظ عن أبي هريرة.
٢ ـ الوضم. الخشبة يوضع عليها اللحم ليأخذ كل من مر به منه لا يمتنع على أحد الا أن يذب عنه ويدفع.
٣ ـ سورة ص آية ٣٥.