والذي نقول : إن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام معصومون في زمان النبوة عن الكبائر والصغائر بالعمد. أما على سبيل السهو فهو جائز ويدل على وجوب العصمة وجوه خمسة عشرة :
( الحجة الأولى ) لو صدر الذنب عنهم لكان حالهم في استحقاق الذم عاجلا والعقاب آجلا أشد من حال عصاة الأمة ، وهذا باطل ، فصدور الذنب أيضا باطل.
بيان الملازمة : أن أعظم نعم اللّه على العباد هي نعمة الرسالة والنبوة وكل من كانت نعم اللّه تعالى عليه أكثر كان صدور الذنب عنه أفحش وصريح العقل يدل عليه ، ثم يؤكده من النقل ثلاثة وجوه :
( الأول ) قوله تعالى : ( يٰا نِسٰاءَ اَلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ اَلنِّسٰاءِ ) (١) وقال تعالى : ( يٰا نِسٰاءَ اَلنَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفٰاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضٰاعَفْ لَهَا اَلْعَذٰابُ ضِعْفَيْنِ ) (٢).
( الثاني ) أن المحصن يرجم وغيره يجلد.
( الثالث ) أن العبد يحد نصف حد الحر.
فثبت بما ذكرنا أنه لو صدر الذنب عنهم لكان حالهم في استحقاق الذم العاجل والعقاب الآجل فوق حال جميع عصاة الأمة ، إلا أن هذا باطل بالإجماع فإن أحدا لا يجوز أن يقول إن الرسول أحسن حالا عند اللّه وأقل منزلة من كل أحد. وهذا يدل على عدم صدور الذنب عنهم.
( الحجة الثانية ) لو صدر الذنب عنهم لما كانوا مقبولي الشهادة لقوله تعالى : ( يٰا أَيُّهَا اَلَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جٰاءَكُمْ فٰاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ) (٣)
__________________
١ ـ سورة الأحزاب الآية ٣٢.
٢ ـ سورة الأحزاب الآية ٣٠.
٣ ـ سورة الحجرات الآية ٦ وهما قراءتان مشهورتان فتثبتوا وفتبينوا.