وجعلوا له شركاء. ويجوز أن يذكر العموم ثم يخص بعض المذكور بالذكر. ومثله كثير في الكلام. قال اللّه تعالى ( هُوَ اَلَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي اَلْبَرِّ وَاَلْبَحْرِ حَتّٰى إِذٰا كُنْتُمْ فِي اَلْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ) (١) فعم جميع الخلق في أول الآية ثم خص في آخرها بعضهم. فكذا هاهنا.
( واعلم ) أن هذين يقتضيان في الكنايات المتوالية عقيب مذكور واحد صرف بعضها إلى المذكور وبعضها إلى شيء آخر. وذلك يفكك النظم.
( وثالثها ) أن تكون الهاء في قوله تعالى ( جَعَلاٰ لَهُ شُرَكٰاءَ ) راجعة إلى الولد ، لا إلى اللّه تعالى. ويكون المعنى إنهما طلبا من اللّه تعالى ابنا لا الولد الصالح وهو كقوله : طلبت مني درهما فلما أعطيتك أشركته بآخر أي طلبت آخر مضافا إليه.
وهذا ضعيف لوجهين ( أحدهما) أن الهاء في قوله ( له ) لما عاد إلى الولد يصير قوله تعالى فلما آتاهما صالحا.
( الثاني ) وهو أنه يصير قوله تعالى ( فَتَعٰالَى اَللّٰهُ عَمّٰا يُشْرِكُونَ ) منقطعا عما قبله وذلك يوجب الركاكة. فهذا هو الكلام على الآية.
وأما الرواية التي ذكروها فهي ضعيفة لوجوه ثلاثة :
( الأول ) أنها من باب الآحاد فلا يكون مقبولا في العلميات.
( الثاني ) أنه إما أن يقال : بأن آدم وحواء اعتقدا أن الولد من خلق إبليس أو لم يعتقدا ذلك ولكنهما سميا ولدهما بعبد الحارث مع أن الحارث كان اسم إبليس ، فإن كان الأول لزم أن يكون آدم وحواء قد اعتقدا آلهية إبليس ، وذلك مما لا يذهب إليه عاقل. وإن
__________________
١ ـ سورة يونس الآية ٢٢.