( السؤال الخامس ) : هب أنه استدل بحركة على حدوثه فكان ينبغي أن يقول عقيب فراغه من النظر : إني قضيت بحدوثه لكنه لم يفعل ذلك ، بل جعله نتيجة دليل إثبات الصانع ، فأين إحدى المسألتين من الأخرى؟
( جوابه ) : هذا تنبيه على أن العلم باحتياج المحدث إلى المحدث ضروري ، فلما كانت هذه المقدمة ضرورية لا جرم حذفها ، واستدل بالدليل الدال على حدوث العالم على ثبوت الصانع ولو لم تكن تلك المقدمة بديهية لكان هذا الاستدلال خطأ قطعا.
( السؤال السادس ) : هب أنه ثبت لإبراهيم عليه السلام بالدلالة التي ذكرها حدوث الأجسام وثبوت الصانع ، ولكن كيف استنتج منها فساد قوله : (هذا ربي) فإن من المحتمل أن الكواكب والسموات محدثة مخلوقة للّه تعالى ، ثم إنها تكون محدثة للبشر ، ولما في هذا العالم على ما يذهب إليه المعللون بالوسائط. فإن قلت : كان غرضه من هذا الاستدلال معرفته مقطع الحاجات ، فلما عرف أن السموات محدثة عرف أنها ليست مقطع الحاجات. قلت : ليس الأمر كذلك ، لأن أول الاستدلال في قوله : (هذا ربي) فكان مطلوبه أن الكوكب هل هو الشيء الذي يربيني ويخلقني؟ فكان المطلوب هذا لا ما ذكرته ، وأيضا بتقدير أن يكون الأمر كذلك ، فلم قال : ( إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ اَلسَّمٰاوٰاتِ وَاَلْأَرْضَ ) (١) فإن بتقدير أن يكون خالقه هو السماء وجب عليه الاشتغال بشكره والإقبال على طاعته.
( جوابه ) : أن إبراهيم عليه السلام كان على مذهبنا (٢) في مسألة
__________________
١ ـ سورة الأنعام آية ٧٩.
٢ ـ أي في رأي المعتزلة.