وغروبها لأن أشرف ما في العالم السفلي هو الإنسان وأشرف ما في العالم العلوي هو الشمس ، فذكر من دلائل الآفاق أحوال الشمس ، ومن دلائل الأنفس أحوال الحياة والموت.
( والجواب ) عن البحث الثاني أن الخصم لو طالبه بذلك لكان من الواجب في حكم اللّه تعالى أن يأتي بالشمس من المغرب تقريرا لحجة إبراهيم عليه السلام.
ولقائل أن يقول : هذا غير واجب. لأن لإبراهيم عليه السلام أن يقول : طلوع الشمس حادث ، فلا بد له من محدث. وذلك المحدث ليس من البشر ، فلا بد من آله. فثبت أن طلوع الشمس إنما حدث بقدرة اللّه تعالى. ومن المعلوم بالضرورة أن القادر على تحريك الشمس من اليمين إلى الشمال قادر على تحريكها من الشمال إلى اليمين. فلما كان اللّه تعالى قادرا على أن يأتي بالشمس من المشرق كان قادرا على أن يأتي بها أيضا من المغرب. فثبت أن إلهي قادر على الكل. وأما أنت فلو كنت إلها لكنت أيضا قادرا على الكل فلما عجزت عن الكل ثبت أنك لست بإله. ومتى اندفعت معارضة الخصم بهذه الأدلة العقلية لم يلزم من عدم إتيان اللّه تعالى بالشمس من المغرب القدح في دليل إبراهيم عليه السلام.
( الشبهة الخامسة ) تمسكوا بقوله تعالى ( إِذْ قٰالَ إِبْرٰاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ اَلْمَوْتىٰ ) (١) الآية وهذا يدل على انه لم يكن موقنا بقدرة اللّه على إحياء الأموات.
( والجواب ) من وجوه :
( الأول ) يحتمل أن يقال : وقع ذلك قبل النبوة. وقبلها لما وجب
__________________
١ ـ سورة البقرة الآية ٢٦٠.