( الجواب ) أن المفسرين حملوا هذا الدعاء على من أعلمه اللّه أنه يؤمن ولا يعبد الأصنام وتخصيص العام غير بعيد.
( الشبهة التاسعة ) تمسكوا بقوله تعالى : ( وَلَقَدْ جٰاءَتْ رُسُلُنٰا إِبْرٰاهِيمَ بِالْبُشْرىٰ قٰالُوا سَلاٰماً قٰالَ سَلاٰمٌ فَمٰا لَبِثَ أَنْ جٰاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ ) (١) والبحث في الآية من وجوه :
( الأول ) : أنه قدم الطعام إلى الملائكة مع علمه أنهم لا يأكلون.
( الثاني ) : لم خافهم مع علمه بكونهم معصومين؟ فإن قلت : السبب في هذين أنه ما كان عالما بكونهم من الملائكة ، قلت : فلم صدقهم في ادعاء الملائكة من غير دليل؟
( الثالث ) : أنه تعالى وصفه بالمجادلة. فقال : ( يُجٰادِلُنٰا فِي قَوْمِ لُوطٍ ) (٢) ثم قال : ( يٰا إِبْرٰاهِيمُ أَعْرِضْ عَنْ هٰذٰا ) (٣) وهذا يدل على أن مجادلته مع الملائكة غير جائزة.
( والجواب ) أن ذلك لو كان ذنبا لعوتب عليه ولاستغفر إبراهيم عليه السلام منه كيف وقد مدحه اللّه تعالى على ذلك فقال : ( إِنَّ إِبْرٰاهِيمَ لَحَلِيمٌ أَوّٰاهٌ مُنِيبٌ ) (٤) فوصفه بهذه الصفات التي ليست وراءها منزلة في باب الرفعة. فكيف يجوز تخطئته فيما جعله اللّه تعالى سببا للمدح العظيم؟ وأما قوله : كيف صدقهم في ادعاء الملائكة من غير دليل فنقول ليس في الآية أنه صدق من غير دليل ، وإذا كان كذلك كان الدليل المذكور على عصمة إبراهيم عليه السلام دليلا على أنه إنما صدقهم في
__________________
١ ـ سورة هود الآية ٦٩.
٢ ـ سورة هود الآية ٧٤.
٣ ـ سورة هود الآية ٧٦.
٤ ـ سورة هود الآية ٧٥.