( السادس ) : أنه سمع قائلا يقول يا ابن يعقوب لا تكن كالطير فإذا زنا ذهب ريشه.
( السابع ) : سمع قائلا يقول : أنت مكتوب في الأنبياء وتعمل عمل السفهاء.
( الثامن ) : عن ابن عباس رأى صورة الملك ، وقيل : صورة يعقوب عليه السلام عاضا على أنامله.
( فإن قلت ) : لو كان البرهان عبارة عن أنه رأى يعقوب عاضا على إصبعه أو نادته الملائكة بالزجر لاقتضى ذلك الإلجاء وصار منافيا للتكليف ، ولما استحق يوسف عليه السلام بالبعد عن ذلك الفعل مدحا ولا ثناء ولا ثوابا.
( قلت ) : أليس إن المعتزلة قالوا في قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّنٰا نَزَّلْنٰا إِلَيْهِمُ اَلْمَلاٰئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ اَلْمَوْتىٰ وَحَشَرْنٰا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مٰا كٰانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلاّٰ أَنْ يَشٰاءَ اَللّٰهُ ) (١) إن شيئا منها لا يوجب الإلجاء ، وإذا كان كذلك فكيف يلزم من مشاهدة يعقوب وسماع صوت الملائكة حصول الإلجاء.
( الشبهة الثالثة ) : تمسكوا بقوله تعالى ( وَمٰا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ اَلنَّفْسَ لَأَمّٰارَةٌ بِالسُّوءِ ) (٢).
( الجواب ) من وجهين :
( الأول ) : أنه أراد الدعاء والمنازعة ولم يرد العزم على المعصية ، وهو لا يبرئ نفسه عما لا يقوى عنه طباع البشر.
__________________
١ ـ سورة الانعام الآية ١١١.
٢ ـ سورة يوسف الآية ٥٣.