وأيضا فلو لم يجعل التقديم على ( لو لا ) جوابا لها لكان جوابها محذوفا. وإذا دار الأمر بين أن يكون جوابا محذوفا وبين أن يكون متقدما عليها لا شك أن التقديم أولى.
( فإن قلت ) : فأي فائدة في قوله : ( وَهَمَّ بِهٰا لَوْ لاٰ أَنْ رَأىٰ بُرْهٰانَ رَبِّهِ ) (١) إذا لم يكن هناك هم؟
( قلت ) : الفائدة فيه الإخبار على أن ترك الهم به وإجابتها إلى ملتمسها لم يكن من حيث كان غير راغب في النساء لعجز لكنه ترك ذلك للّه وفي اللّه طلبا لثوابه وهربا من أليم عقابه.
( فإن قلت ) : فما البرهان الذي رآه يوسف عليه السلام؟
( قلت ) فيه وجوه ثمانية :
( الأول ) : أنه حجة اللّه في تحريم الزنا والعلم بما على الزاني من العقاب قاله محمد بن كعب.
( الثاني ) : ما آتاه اللّه من آداب أنبيائه من العفاف وصيانة النفس عن الأرجاس.
( الثالث ) : رأى مكتوبا في سقف البيت ( وَلاٰ تَقْرَبُوا اَلزِّنىٰ إِنَّهُ كٰانَ فٰاحِشَةً وَسٰاءَ سَبِيلاً ) (٢).
( الرابع ) : عن الصادق : النبوة المانعة من ارتكاب الفواحش.
( الخامس ) : عن زين العابدين : كان في ذلك البيت صنم فألقت المرأة ثوبا عليه وقالت أستحي منه. فقال يوسف : تستحي من الصنم فأنا أحق أن أستحي من الواحد القهار.
__________________
١ ـ سورة يوسف الآية ٢٤.
٢ ـ سورة الاسراء الآية ٥٣.