الملوك الكفار ، وما استحقوا بها مدحا ، إنما المستحق للمدح هو القوة في الدين.
( الثاني ) أنه لما ثبت كونه موصوفا بالقوة في الدين ولا معنى للقوة في الدين إلا العزم الشديد على أداء الواجبات واجتناب المحظورات فكان داود عليه السلام من أولى العزم. وقد قال اللّه تعالى : ( فَاصْبِرْ كَمٰا صَبَرَ أُولُوا اَلْعَزْمِ مِنَ اَلرُّسُلِ ) (١) وأمر محمدا عليه الصلاة والسلام بالاقتداء بأولى العزم ، فإذا كان داود عليه السلام من أولى العزم ما كان قد أمر محمدا بالاقتداء بداود عليه السلام. وهذه درجة لا توازيها درجة.
( الثالث ) أنه لما وصف بالقوة فأي قوة لمن لم يملك نفسه عن الفجور والقتل؟
( الرابع ) أنه وصفه بكونه أوابا والأواب هو الرجاع والرجاع إلى ذكر اللّه يستحيل أن يكون مواظبا على أعظم الكبائر.
( الخامس ) قال : ( سَخَّرْنَا اَلْجِبٰالَ مَعَهُ ) الآيتين (٢) ، أفترى أنه سخر له ذلك ليتخذه وسيلة إلى القتل والزنا؟ وقيل : إنه كان محرما عليه صيد كل شيء فكانت الطيور تأمنه ، فكيف يجوز أن تأمنه الطير ولا يأمنه المسلم على زوجته؟
( السادس ) قوله ( وَشَدَدْنٰا مُلْكَهُ ) (٣) ومحال أن يكون المراد منه شدة ملكه بالمال والعسكر مع كونه مسلما من طريق الدنيا لا من طريق الدين لأن ذلك سبيل الملوك الكفرة ، لأن قوله : ( وَشَدَدْنٰا مُلْكَهُ ) عام في الدين والدنيا.
( السابع ) قوله : ( وَآتَيْنٰاهُ اَلْحِكْمَةَ ) (٤) والحكمة اسم جامع
__________________
١ ـ سورة الاحقاف ، الآية ٣٥.
٢ ـ سورة ص ، الآية ١٨ ـ ١٩.
٣ ـ سورة ص ، الآية ٢٠.
٤ ـ سورة ص ، الآية ٢٠.