٢٣ (لِكَيْلا تَأْسَوْا عَلى ما فاتَكُمْ) أي : أعلمناكم بذلك لتتسلّوا عن الدنيا إذا علمتم / أن ما ينالكم في كتاب قد سبق لا سبيل إلى تغييره. [٩٧ / أ] قال ابن مسعود (١) : «لجمرة على لساني تحرقه جزءا جزءا أحبّ إليّ من أن أقول لشيء كتبه الله : ليته لم يكن».
٢٧ (وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها) : رفض النساء ، واتخاذ الصوامع (٢). وقيل (٣) : الانقطاع عن النّاس.
(ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ) أي : ما كتبنا عليهم غير ابتغاء رضوان الله ، فيكون بدلا من «ها» (٤) الذي يشتمل عليه المعنى.
٢٨ (كِفْلَيْنِ مِنْ رَحْمَتِهِ) : نصيبين (٥) لإيمانهم بالرسل الأولين ، ثم لإيمانهم بخاتم النّبيّين.
٢٩ (لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ) : لئلا يظن ، كما جاء الظن في مواضع بمعنى العلم (٦).
__________________
شيبة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر عن أبي صالح.
وانظر تفسير القرطبي : (١٧ / ٢٥٧ ، ٢٥٨).
(١) لم أقف على هذا القول ، وذكره المؤلف ـ رحمهالله ـ في كتابه وضح البرهان : ٢ / ٣٨٥. وانظر نحوه في المعجم الكبير للطبراني : ٩ / ٢٧٣.
(٢) نص هذا القول في تفسير الماوردي : ٤ / ١٩٥ عن قتادة ، وكذا في تفسير القرطبي : ١٧ / ٢٦٣.
(٣) ذكره الماوردي في تفسيره : ٤ / ١٩٥ دون عزو.
(٤) في قوله تعالى : (كَتَبْناها) ، ينظر إعراب هذه الآية في معاني الزجاج : ٥ / ١٣٠ ، وإعراب القرآن للنحاس : ٤ / ٣٦٨ ، ومشكل إعراب القرآن لمكي : ٢ / ٧٢٠.
(٥) مجاز القرآن لأبي عبيدة : ٢ / ٢٥٤ ، وتفسير غريب القرآن لابن قتيبة : ٤٥٥ ، ومعاني الزجاج : ٥ / ١٣١.
قال الزجاج : «وإنما اشتقاقه من اللغة من «الكفل» ، وهو كساء يجعله الراكب تحته إذا ارتدف لئلا يسقط ، فتأويله : يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي».
(٦) مثّل الدامغاني له في كتابه الوجوه والنظائر : ٣١١ بقوله تعالى : (وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ).