بعلمك ، وجعلتهم الذرائع إليك ، والوسيلة إلى رضوانك.
فبعض أسكنته جنتك إلى أن أخرجته منها ، وبعضهم حملته في فلكك ونجيته مع من آمن معه من الهلكة برحمتك ، وبعض اتخذته لنفسك خليلا ، وسألك لسان صدق في الاخرة فأجبته ، وجعلت ذلك عليا ، وبعض كلمته من شجرة تكليما وجعلت له من أخيه ردءا ووزيرا ، وبعض أولدته من غير أب ، وآتيته البينات وأيدته بروح القدس ، وكل شرعت له شريعة ، ونهجت له منهاجا وتخيرت له أوصياء مستحفظا بعد مستحفظ ، من مدة إلى مدة ، إقامة لدينك ، وحجة على عبادك ، ولئلا يزول الحق عن مقره ، ويغلب الباطل على أهله ، ولئلا يقول أحد «لولا أرسلت الينا رسولا منذرا ، وأقمت لنا علما هاديا ، فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى».
إلى أن انتهيت بالامر إلى حبيبك ونجيبك محمد صلىاللهعليهوآله، فكان كما انتجبته ، سيد من خلقته ، وصفوة من اصطفيته ، وأفضل من اجتبيته ، وأكرم من اعتمدته قدمته على أنبيائك ، وبعثته إلى الثقلين من عبادك ، وأوطأته مشارقك ومغاربك وسخرت له البراق ، وعرجت بروحه إلى سمآئك ، وأودعته علم ما كان وما يكون إلى انقضاء خلقك ، ثم نصرته بالرعب ، وحففته بجبرئيل وميكائيل والمسومين من ملائكتك ، ووعدته أن تظهر دينه على الدين كله ، ولو كره المشركون وذلك بعد أن بوأته مبوأ صدق من أهله ، وجعلت له ولهم أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين ، فيه آيات بينات مقام إبراهيم ، ومن دخله كان آمنا ، وقلت ، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا.
ثم جعلت أجر محمد صلواتك عليه وآله مودتهم في كتابك ، فقلت : لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، وقلت : ما سألتكم من أجر فهو لكم ، وقلت : ما أسألكم عليه من أجر إلا من شآء أن يتخذ إلى ربه سبيلا ، فكانوا هم السبيل إليك ، والمسلك إلى رضوانك.