للمستعدّين ؛ كما قال : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) (١).
أي وممّا رزقنا نفوسهم من العلم لا يبخلونه عن الطالبين القابلين.
وأمّا الفجّار من العلماء فيبخلون عن إنفاق علومهم على غيرهم لأغراض فاسدة ، وأولئك تكبّ وجوههم في النار.
وقد تظافرت الأخبار من الأئمّة الأطهار في الترغيب على بذل العلم ، والتهديد على كتمانه على أهله ، ولقد سطرنا كثيرا منها في المقدّمة الّتي حرّرناها في آداب التعليم والتعلّم ، وفي كتابنا المسمّى بـ «أسرار العارفين».
وفي قوله تعالى «على حبّه» إشعار بأنّهم ينفقون العلم مع كمال حبّهم له.
كيف وهو الجوهرة اللطيفة البهيّة الّتي لا شيء أبهى منها ، وهو الدرّة الصافية الّتي لا شيء أصفى منها ، فإنّه نور القلب في الظلمات وحياة العقل في الشبهات ، كما قال :
فالناس موتى وأهل العلم أحياء
وقال : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (٢).
أي لا تحسبنّ الّذين قتلوا أنفسهم الأمّارة في سبيل التوحيد والتجريد غير مذكورين عند الحقّ في عالم القدس ، بل هؤلاء مذكورون بذكر الحقّ عند عرش الحقّ ، مرزوقون برزق الحقّ ، في جنّة قرب الحقّ.
ثمّ المراد بـ «المسكين» هو الجاهل المحتاج إلى التكميل بحيث لو لم يعرفه هاد سبيل هدايته لهلك نفسه في الحال ، و «اليتيم» هو الجاهل الّذي لا
__________________
(١) البقرة : ٣.
(٢) آل عمران : ١٦٩.