مربّي له ولا هادي إلى سبيل العلم والعرفان ؛ كما قال :
ليس اليتيم الّذي قد مات والده |
|
إنّ اليتيم يتيم العلم والأدب |
و «الأسير» الجاهل الّذي يريد العلم ولكن لا يقدر عليه ، ولا يمكن له الوصول إلى ذلك المقام لفقد الأسباب ، وتحقّق الموانع.
التاسعة : قال بعض العارفين : إنّ المطعمين على أصناف أربعة ، لأنّ المنفق إمّا أن ينفق من مال محبوب عنده ، أو ليس بمحبوب ، وعلى التقديرين إمّا لغرض دنيويّ أو أخرويّ ، فالّذي ينفق لغرض دنيويّ سواء كان ما أنفقه محبوبا أو لم يكن وتوهّم به في الظاهر وجه الله فذلك هو المرائي ، وفيه ما قيل : (وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ) ... (١) إلى آخره.
وأمّا الّذي ينفق من مال محبوب عنده لغرض الآخرة والقرب إلى صاحب القدس من غير التفات ولا مشاركة بأمر دنيويّ فذلك هو المتصدّق بالحقيقة الّذي يستحقّ بسبب ما أنفق مرضاة الله ، وهو الّذي قيل فيه : (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللهِ) ... (٢) إلى آخره.
وهو المشار إليه بقوله : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) ... إلى آخره.
وأمّا الّذين ينفقون بما ليس بمحبوب لهم لكن المراد وجه الله فهم متصدّقون ولهم الأجر بحسب إمكانهم بالتقرّب بذلك القربان ، وإرادتهم ووصولهم به إلى تمام الرضوان (وَلِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (٣).
__________________
(١) النساء : ٣٨.
(٢) البقرة : ٢٦٥.
(٣) هود : ١٣٣ ، النمل : ٩٣.